بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
اللهمَّ ارْزُقْنا الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ
سلسلة : فوائد علمية (30)
( البلاء موكل بالمنطق!)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ فَقَالَ :"لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ."فَقَالَ :"كَلَّا بَلْ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ كَيْمَا تُزِيرَهُ الْقُبُورَ."
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"فَنَعَمْ إِذًا"
أخرجه البخاري 5230
زاد عبدالرزاق في المصنف 20309: فمات الرجل
----------------------------------------
عَنْ عَبْدِ الله بن عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما – : أنَّ رَجُلاً قَال: يا رسول الله، أرأيت لَو وَجَدَ أحدنا امْرَأتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ ، كَيفَ يَصْنَعُ ؟ إن تَكَلَّم ، تَكَلَّم بِأمْر عَظِيمٍ، وَإنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْل ذلِكَ؟
قَالَ: فَسَكَتَ النبي صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُجِبْهُ.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذلِكَ أتاه فَقَالَ: "إنَّ الذِي سألتك عَنْهُ قَدِ ابتلِيتُ بِهِ، فَأنزلَ الله -عزَّ وَجَل- هؤُلاءِ الآيات في سورة "النُّور".
{ والذين يَرْمُونَ أزواجهم } فَتَلاهُنَّ عَلَيْهِ .................
أخرجه مسلم 2742
صح عن إبراهيم النخعي : أنه قَالَ: «إِنِّي لَأَجِدُ نَفْسِي تُحَدِّثُنِي بِالشَّيْءِ فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ إِلَّا مَخَافَةُ أَنِ ابْتَلَى بِمِثْلِهِ»
رواه ابن أبي الدنيا و غيره .
أنشد القاضي ابن بهلول: لا تنطقن بما كرهت فربما ... نطق اللسان بحادث فيكون.
وأنشد غيره: لا تمزحن بما كرهت فربما ... ضرب المزاح عليك بالتحقيق
.المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة للسخاوي
----------------------------------------
اجتمع الكسائي– رحمه الله – واليزيدي – رحمه الله – عند الرشيد فقدموا الكسائي يصلي جهرية فأرتج عليه في قراءة الكافرون
فقال اليزيدي : قارئ الكوفة يرتج عليه في هذه ؟
فحضرت جهرية أخرى فقام اليزيدي فأرتج عليه في الفاتحة
فقال الكسائي : احفظ لسانك لا تقول فتبتلى * إن البلاء موكل بالمنطق
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 5/205
----------------------------------------
عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب قال لرجل : ما اسمك ؟ قال : جمرة ، قال : ابن من ؟ قال : ابن شهاب ، قال : ممن ؟ قال : من الحرقة ، قال : أين مسكنك ؟ قال : بحرة النار ، قال : بأيها ؟ قال : بذات لظى ، فقال له عمر : أدرك أهلك فقد احترقوا ، فكان كما قال عمر (رواه مالك في الموطأ بانقطاع ، ورواه أبو القاسم ابن بشران في أماليه موصولا من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ، وزاد في آخره : فرجع الرجل فوجد أهله قد احترقوا).
----------------------------------------
قال ابن القيم: وقد استشكل هذا من لم يفهمه, وليس بحمد الله مشكلًا, فإن مسبب الأسباب جعل هذه المناسبات مقتضيات لهذا الأثر, وجعل اجتماعها على هذا الوجه الخاص موجبًا له وأخر اقتضاءها لأثرها إلى أن تكلم به من ضرب الحق على لسانه, ومن كان الملك ينطق على لسانه, فحينئذ كمل اجتماعها وتمت, فرتب عليها الأثر, ومن كان له في هذا الباب فقه نفس انتفع به غاية الانتفاع, فإن البلاء موكل بالمنطق..وقد رأينا من هذا عبرًا فينا وفي غيرنا, والذي رأيناه كقطرة في بحر.
تنبيهات:
أولها: أن ما قدره الله تعالى كائن لا محالة, ولو سعى المرء للفرار منه, كما قال تعالى: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ {آل عمران:154, وكما في حديث: وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ., ومن أيقن بهذا استراح قلبه.
ثانيها: ليس معنى كون البلاء موكلًا بالمنطق أنه لا يصيبه بلاء إلا بسبب منطقه, فالعبد قد يبتليه الله تعالى اختبارًا أو عقابًا ولو لم يتكلم بما يوافق المصيبة.
ثالثًا: إن الإغراق في التخوف من المنطق خشية البلاء, والتدقيق في ربطه بما يقع من المصائب قد يجر صاحبه إلى التشاؤم, والتشاؤم منهي عنه.
فإذا تبين لك هذا: فاعلم أن من أسباب السلامة حفظ المنطق, وأن لا يتكلم الإنسان إلا بالكلام الطيب المشتمل على الفأل الحسن, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن الطيرة قال: وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ, قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ. متفق عليه.
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: فحفظ المنطق, وتخير الأسماء من توفيق الله للعبد, وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تمنى أن يحسن أمنيته, وقال: إن أحدكم لا يدري ما يكتب له من أمنيته, أي: ما يقدر له منها, وتكون أمنيته سبب حصول ما تمناه أو بعضه, وقد بلغك أو رأيت أخبار كثير من المتمنين أصابتهم أمانيهم أو بعضها . اهــ
والذي يظهر - والله تعالى أعلم - أن سبب أن يقع الرجل فيما تكلم به راجع إلى ثلاثة الأمور
الأول: هو ظن بربه . و ذلك لما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة . قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) فمن تكلم البلاء و ظن أن ربه سيوقعه فيه ، فقد يقع فيه.
الثاني: أن يقول هذا الكلام سخرية من الغير ، و قد صح عن ابن مسعود أنه قال : لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ خَشِيتُ أَنْ أُحَوَّلَ كَلْبًا» رواه هناد في "الزهد " رواه ابن أبي شيبة في المصنف6/116وغيره وجاء عن طائفة من السلف نحوه
الثالث: أن يقول هذا الأمر و يظن أنه يمتنع عنه لقدرته . قال ابن رشد في البيان و التحصيل " 18/ 276"
قال مالك : كان ابن مسعود يقول إن البلاء موكل بالقول .
قال محمد بن رشد : يريد أن الرجل إذا قال لا أفعل كذا وكذا معتقداً أنه لا يفعله لقدرته على الامتناع منه قد يعاقبه الله عز وجل بأن يوقعه فى فعل ذلك . وبيان هذا التفسير قوله فى غير هذا الحديث : إنى لا أقول لا أعبد هذا الحجر ، إن البلاء موكل بالقول ، ومن هذا ما جاء في تذكرة الحفاظ للذهبي (1/ 32):
عن ضحاك بن عثمان عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار قال كنت أقسم نفسي بين ابن عباس وابن عمر فكنت أكثر ما أسمع بن عمر يقول: لا أدري، وابن عباس لا يرد أحدا فسمعت ابن عباس يقول عجبا لابن عمر ورده الناس ألا ينظر في ما يشك فإن كانت مضت به سنة قال بها وإلا قال برأيه قال: سمعت بن عباس وسئل عن مسألة فارتج فيها فقال: البلاء موكل بالقول
وإلـى اللـقـاء فـي الـحـديـث الـقـادم "إن شـاء الله"