الرد على من أجاز الخضاب بالسواد:
أهم ما في البحث ما هو باللون الأزرق
قلت أي العبد الفقير ابن عثمان:
الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي:
عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ
رواه مسلم وأبوداود والنسائي
عَنْ لَيْثٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ
جِيءَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّ رَأْسَهُ ثَغَامَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَلْتُغَيِّرْهُ وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ
رواه ابن ماجة
عن أيوب السختياني، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة بأبي قحافة، ولحيته ورأسه كأنه ثغامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"غيروه بشيء، وجنبوه السواد".
رواه الطبراني في الكبير
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ خِضَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ شَابَ إِلَّا يَسِيرًا وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَهُ خَضَبَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ قَالَ وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ يَحْمِلُهُ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ لَوْ أَقْرَرْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ لَأَتَيْنَاهُ مَكْرُمَةً لِأَبِي بَكْرٍ فَأَسْلَمَ وَلِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيِّرُوهُمَا وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ
رواه أحمد وابن حبان
عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ
رواه أبوداود والنسائي
عن محمد بن زياد عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم غيرو الشيب ولا تشبهوا باليهود واجتنبو السواد
رواه البيهقي
عن أبي رباح عن مجاهد أنه كره الخضاب بالسواد وقال : أول من خضب به فرعون.
وللأحوذي بحث طويل جدا في شرحه للترمذي : وقال في نهايته : وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ الْخَضْبِ بِالسَّوَادِ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّسْوِيدِ الْبَحْتِ ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الْخَضْبِ بِالسَّوَادِ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّسْوِيدِ الْمَخْلُوطِ بِالْحُمْرَةِ . هَذَا مَا عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
قال أبو حاتم رضي الله عنه : » قوله صلى الله عليه وسلم : « غيروهما » لفظة أمر بشيء ، والمأمور في وصفه مخير أن يغيرهما بما شاء من الأشياء ، ثم استثنى السواد من بينها ، فنهى عنه ، وبقي سائر الأشياء على حالتها «
أما حديث ابن ماجة قال:حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الصَّيْرَفِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ فِرَاسٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ زَكَرِيَّا الرَّاسِبِيُّ حَدَّثَنَا دَفَّاعُ بْنُ دَغْفَلٍ السَّدُوسِيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ صُهَيْبِ الْخَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحْسَنَ مَا اخْتَضَبْتُمْ بِهِ لَهَذَا السَّوَادُ أَرْغَبُ لِنِسَائِكُمْ فِيكُمْ وَأَهْيَبُ لَكُمْ فِي صُدُورِ عَدُوِّكُمْ...
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 6/543 :$منكر$رواه ابن ماجه ( 2/382 ) ، والهيثم بن كليب في " مسنده " ( 114/2 ) : عن دفاع بن دغفل السدوسي عن عبد الحميد بن صيفي عن أبيه عن جده عن صهيب الخير رفعه .قلت : وهذا إسناد ضعيف ، عبد الحميد بن صيفي - هو ابن زياد بن صيفي بن صهيب الرومي - وهو لين الحديث .ودفاع بن دغفل السدوسي ضعيف كما في " التقريب " .والحديث منكر المتن عندي ؛ لأن ظاهره الترغيب في الخضب بالسواد وقد ثبت النهي عنه في غير ما حديث . انظر " تمام المنة " ( الطهارة ) ، و " غاية المرام " ( 84 ) . (/1)
قال السندي في تعليقه : وَهَذَا الْحَدِيث مُعَارِض لِحَدِيثِ النَّهْي عَنْ السَّوَاد وَهُوَ أَقْوَى إِسْنَادًا وَأَيْضًا النَّهْي يُقَدَّم عَنْهُ
معنى كلامه أن حديث النهي أصح...والأحكام فرع على التصحيح...والقاعدة الحاظر يقدم على المبيح
قال العلامة مقبل الوادعي :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.
وبعد: فهذه بعض الأحاديث الواردة في الخضاب نقلتها ليتضح خطأ من يخضب بالسواد لما فيه من الغش، ولا أنقل إلا ما كان من حديث رسول الله، إذ لا حجة إلا في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قال الامام البخاري رحمه الله في "صحيحه" (ج12 ص476) مع "الفتح": حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن أبي سلمة وسليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ اليهود والنّصارى لا يصبغون فخالفوهم)).
ورراه مسلم (ج2 ص44) من طريق سفيان بن عيينة به.
هذا الحديث مطلق يتناول أي صباغ، لكنه قيّد بما رواه الإمام مسلم رحمه الله (ج2 ص44) قال رحمه الله: حدثني أبوالطاهر أخبرنا عبدالله بن وهب عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبدالله قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكّة ورأسه ولحيته كالثّغامة بياضًا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((غيّروا هذا بشيء، واجتنبوا السّواد)).
ولم يصب من زعم أن قوله: ((واجتنبوا السّواد)). مدرجة.
1ـ إذ الأصل عدم الإدراج،
2ـ وأما ما رواه الإمام أحمد من أن زهير بن معاوية سأل أبا الزبير لما حدثه بهذا الحديث قال: قلت لأبي الزبير: قال:((جنّبوه السّواد))؟ قال: لا. فمبنيّ على أن أبا الزبير قد نسي وكم من محدث قد نسي حديثه بعد ما حدث به، وهذا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((رحم الله فلانًا لقد ذكّرني آية كذا كنت أنسيتها))، وقد صرح الحافظ في "النخبة" أنّ الصحيح أنه لا يرد الحديث لنسيان الشيخ، إلا أن يقول: كذب عليّ، لم أحدثه بهذا،
3ـ ثم إنه قد تابع ابن جريج ليث كما عند ابن ماجة والإمام أحمد، وهو ليث بن أبي سليم مختلط، لكنه يصلح في الشواهد والمتابعات.
4ـ وللحديث شاهد صحيح، قال الإمام أحمد رحمه الله (ج3 ص160): ثنا محمد بن سلمة الحراني عن هشام عن محمد بن سيرين قال: سئل أنس ابن مالك عن خضاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن شاب إلاّ يسيرًا، ولكنّ أبا بكر وعمر بعده خضبا بالحنّاء والكتم، قال: وجاء أبوبكر بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم فتح مكّة يحمله، حتّى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبي بكر: ((لو أقررت الشّيخ في بيته لأتيناه)) تكرمةً لأبي بكر، فأسلم ولحيته ورأسه كالثّغامة بياضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((غيّروهما، وجنّبوه السّواد )).
قال الهيثمي في "المجمع" بعد ذكره هذا الحديث (ج5 ص160): رواه أحمد وأبويعلى، والبزار باختصار، وفي الصحيح طرف منه، ورجال أحمد رجال الصحيح.
وآخر حسن: [قال ابن سعد في "طبقاته" (ج5 ص333-334): أخبرنا عبدالرحمن بن محمد المحاربي عن محمد بن إسحاق قال حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه عن أسماء قالت: لمّا دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مكّة واطمأّنّ وجلس في المسجد أتاه أبوبكر بأبي قحافة فلمّا رآه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((يا أبا بكر ألا تركت الشّيخ حتّى أكون أنا الّذي أمشي إليه؟)) قال: يا رسول الله هو أحقّ أن يمشي إليك، من أن تمشي إليه. فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين يديه، ثمّ قال: ((يا أبا قحافة أسلم تسلم)) قال: فأسلم وشهد شهادة الحقّ، قال: وأدخل عليه رأسه ولحيته كأنّهما ثغامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((غيّروا هذا الشّيب وجنّبوه السّواد)).
أخرجه أيضًا الإمام أحمد (ج6 ص349) مطولاً، وابن حبان (1700) "موارد"، والحاكم (ج3 ص46).]اهـ رازحي.
5ـ هذا وقد جاء الوعيد الشديد لمن يخضب بالسواد، روى الإمام أحمد في "مسنده" عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((يكون قوم في آخر الزّمان يخضبون بالسّواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنّة)).
قال صاحب "الفتح الرباني" في تعليقه على "ترتيب المسند" (ج17 ص319): سنده صحيح، ومن الغريب أن ابن الجوزي أورده في "الموضوعات" وهو من الأحاديث التي ذبّ عنها الحافظ ابن حجر في كتابه "القول المسدد في الذب عن مسند أحمد". قال رحمه الله بعد ذكر سنده ومتنه: أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق أبي القاسم البغوي عن هاشم بن الحارث عن عبيدالله بن عمرو به. وقال: حديث لايصح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. المتّهم به عبدالكريم بن أبي المخارق أبوأمية البصري، ثم نقل تجريحه عن جماعة، قال الحافظ: وأخطأ في ذلك، فإن الحديث من رواية عبدالكريم الجزري الثقة المخرّج له في "الصحيح"، وقد أخرج الحديث من هذا الوجه أبوداود والنسائي وابن حبان في "صحيحه" وغيرهم.
قال أبوداود في كتاب (الترجل): حدثنا أبوتوبة حدثنا عبيدالله عن عبدالكريم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يكون قوم يخضبون في آخر الزّمان بالسّواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنّة)).
وأخرجه النسائي في الزينة وابن حبان والحاكم في "صحيحيهما" من هذا الوجه، وقال أبويعلى في "مسنده": حدثنا زهير حدثنا عبيدالله بن جعفر، هو الرقي به، وأخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في "المختارة مما ليس في الصحيحين" من هذا الوجه أيضًا.اهـ كلام الحافظ.
قال المعلق على "ترتيب المسند": قلت: وبهذا تعرف أن الحديث صحيح لا مطعن فيه.اهـ
قلت: ومما يزيدنا وضوحًا أنّ الذي في سند هذا الحديث عبدالكريم الجزري وليس بابن أبي المخارق أن الحديث في "سنن أبي داود" وعبدالكريم ابن أبي المخارق ليس من رجال أبي داود كما في "تهذيب التهذيب" و"الميزان" وغيرهما من كتب الرجال، نعم روى له أبوداود خارج "السنن" كما في "تهذيب الكمال" فإنه رمز "لمسائل أحمد" وأما في "السنن" فلا.
هذا وإنني ذاكر ما وجدته من الشواهد للأحاديث المتقدمة، قال الامام أحمد رحمه الله تعالى "ترتيب المسند" (ج17 ص319): حدثنا قتيبة أنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((غيّروا الشّيب ولا تقرّبوه السّواد)).
ابن لهيعة فيه ضعف، ولا يمنع من الاستشهاد بحديثه.
وقال البيهقي رحمه الله في "السنن الكبرى" (ج7 ص311): أخبرنا أبوالحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ نا الحسن بن هارون ثنا مكي بن إبراهيم نا عبدالعزيز بن أبي رواد عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه ذكر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((غيّروا الشّيب، ولاتشبّهوا باليهود، واجتنبوا السّواد)) اهـ
وعبدالعزيز بن أبي روّاد فيه كلام، والحسن بن هارون: قال أبوحاتم: لا أعرفه. كما في "لسان الميزان".
وفي "مجمع الزوائد" (ج5 ص160): وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال: ((يا معشر الأنصار حمّروا أو صفّروا، وخالفوا أهل الكتاب)) فذكر الحديث.
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وفي "الصحيح" طرف منه، ورجال أحمد رجال الصحيح، خلا القاسم وهو ثقة وفيه كلام لا يضر.
قال أبوعبدالرحمن: القاسم هو ابن عبدالرحمن أبوعبدالرحمن الأموي، مختلف فيه وهو إلى الضعف أقرب، ولا يمنع من الاستشهاد بحديثه.
ثم قال الهيثمي: وعن أنس أنّ النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((غيّروا الشّيب وإنّ أحسن ما غيّرتم به الشّيب: الحنّاء والكتم)).
رواه البزار وفيه سعيد بن بشير وهو ثقة وفيه ضعف، وعن أنس بن مالك قال: كنّا يومًا عند النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدخلت عليه اليهود فرآهم بيض الّلحى، فقال: ((ما لكم لا تغيّرون))؟ فقيل: إنّهم يكرهون، فقال النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لكنّكم غيّروا وإيّاي والسّواد)).
رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه: ابن لهيعة، وبقية رجاله ثقات وهو حديث حسن.
وعن ابن عباس أنّ النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلمقال: ((يكون في آخر الزّمان قوم يسوّدون أشعارهم، لا ينظر الله إليهم)).
قلت: رواه أبوداود، خلا قوله: ((لا ينظر الله إليهم)).
رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده جيد.اهـ المراد من "مجمع الزوائد".
وقال الإمام الترمذي رحمه الله في "جامعه" (ج3 ص55) مع "تحفة الأحوذي" طبعة هندية: حدثنا سويد بن نصر ثنا ابن المبارك عن الأجلح عن عبدالله بن بريدة عن أبي الأسود عن أبي ذر رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إنّ أحسن ما غيّر به الشّيب الحنّاء والكتم)).
هذا حديث حسن صحيح.
الحديث عزاه المجد في "المنتقى" للخمسة يعني أصحاب "السنن" وأحمد.
وقال النسائي رحمه الله (ج8 ص139): حدثنا محمد بن مسلم حدثنا يحيى بن يعلى حدثنا به أبي عن غيلان عن أبي إسحاق عن ابن أبي ليلى عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((أفضل ما غيّرتم به الشّمط: الحنّاء والكتم)).
قلت: رجاله رجال مسلم غير محمد بن مسلم بن عثمان أبوعبدالله بن واره، قال الحافظ فيه: ثقة حافظ. وأبوإسحاق هو السبيعي، ثقة مدلس وقد عنعن، فهو لابأس به في الشواهد.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند أبي يعلى (ج3 ص27)، والطبراني (ج11 ص 258)، قال أبويعلى رحمه الله: حدثنا بشر بن سيحان حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((أحسن ما غيّرْتم به الشّيب، الحنّاء والكتم)).
الحديث رجاله رجال الشيخين، خلا بشر بن سيحان، قال فيه أبوحاتم: ما به بأس كان من العباد. وقال أبوزرعة: شيخ بصري صالح. اهـ "الجرح والتعديل" (ج2 ص 358).
هذا ولهم شبه لا بأس ببيانها، لكي تنقطع حجتهم: منها:
1ـ حديث ابن ماجة، قال رحمه الله (ج2 ص1197): حدثنا أبوهريرة الصيرفي محمد بن فراس حدثنا عمر بن الخطاب بن زكريا الراسبي حدثنا دفّاع بن دغفل السدوسي عن عبدالحميد بن صيفي عن أبيه عن جده صهيب الخير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (( إنّ أحسن ما اختضبتم به لهذا السّواد أرغب لنسائكم فيكم وأهيب لكم في صدور عدوّكم)).
إني لأعجب ممن يعارض الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في "صحيحه"، والحديث الصحيح الذي رواه أحمد في "مسنده" والحديث الصحيح الذي رواه الترمذي في "جامعه"، وقال: حديث حسن صحيح؛ بمثل هذا الحديث الذي اجتمع فيه النكارة والضعف والإنقطاع،:
@ـ أما نكارته فظاهرة، وهو مخالفته لما اشتهر عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من نهيه عن السواد،
@ـ وأما ضعفه فقد قال الإمام الذهبي في "الميزان" في ترجمة دفّاع بن دغفل: ضعفه أبوحاتم ووثقه ابن حبان.اهـ، وليس له في الأمهات إلا هذا الحديث رواه ابن ماجة، وقد قال المزي رحمه الله: أن الغالب فيما تفرد به ابن ماجة الضعف. ذكره المناوي في "فيض القدير" (ج1 ص25) وذكره صاحب "تحفة الأحوذي" في المقدمة ص(66) طبعة هندية.
وأما توثيق ابن حبان له فهو معروف بالتساهل، وقد كثر توثيقه للمجهولين، كما بينه الشيخ الألباني في تعليقه على "التنكيل" (ج1 ص438) وذكره الحافظ في "مقدمة لسان الميزان". وقد يذكر الرجل في كتاب "الثقات" وفي كتاب "الضعفاء" كما ذكره المعلمي رحمه الله (ج1 ص436) من "التنكيل".
@ـ وأما انقطاع الحديث فقد قال الذهبي رحمه الله في "الميزان": عبدالحميد ابن زياد بن صيفي بن صهيب قال البخاري: لا يعرف سماع بعضهم من بعض.اهـ
وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": قال أبوحاتم: شيخ روى له ابن ماجة حديثًا واحدًا. ثم قال الحافظ: قلت: وذكره ابن حبان في "الثقات".اهـ
هذا وقد تقدم الكلام على ما انفرد به ابن ماجة، وأنه لا يعبأ بتوثيق ابن حبان إذا انفرد.
2ـ ولهم حديث آخر يمكن أن يموهوا به على من لا معرفة له بعلم الحديث، وهو حديث: ((إذا خطب أحدكم المرأة وهو يخضب بالسّواد فليعلمها أنّه يخضب)).
قال السيوطي في "الجامع الصغير": رواه الديلمي في "مسند الفردوس" عن عائشة، ورمز لضعفه، وقال المناوي في "فيض القدير": رواه عنها أيضًا البيهقي وزاد بعد قوله: ((فليعلمها ولا يغرّها))، وفيه عيسى بن ميمون قال البيهقي: ضعيف، وقال الذهبي: متروك.اهـ
3ـ هذا ولهم شبهة أخرى، وهو فعل بعض السلف رحمهم الله، وما كنت أظن أن يتجاسر مؤمن يؤمن بالله وبقوله تعالى: {لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله }.
وقوله: {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }.
ما كنت أظن أن يتجاسر من يعرف هاتين الآيتين أن يعارض قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقول فلان وفعل فلان، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
قال الشيخ فريح بن صالح البهلال في كتابه الماتع ( إتحاف الأمجاد باجتناب تغير الشيب بالسواد ) والذي قدم له سماحة العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله :
إشكال وجوابه :
فإن قيل : أخرج أحمد ( 3 / 338 ) وأبو داود الطيالسي ( ص241 رقم 1753 ) وأبو عوانة ( 5/513 ) من طرق زهير ــ وهو ابن معاوية أبو خيثمة ــ عن أبي الزبير عن جابر قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي قحافة أو جاء عام الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغام أو مثل الثغامة . قال حسن فأمر به إلى نسائه قال : ( غيروا هذا الشيب ) .
قال حسن : قال زهير : قلت لأبي الزبير : أقال : جنبوه السواد؟ ، قال : لا .
وهذا يدل على أن لفظ ( وجنبوه السواد ) مدرج ؟
قيل :
الجواب : أن هذه اللفظة ليست بمدرجة بل ثابتة وصحيحة بلا ريب لوجوه :
الوجه الأول :
أنه رواها سبعة من تلاميذ أبي الزبير عنه ــ كما تقدم ــ وهم ابن جريج وأبو خيثمة زهير بن معاوية وأيوب السختياني والليث بن سعد ــ في قول ــ والليث بن ابي سليم والأجلح بن عبد الله بن حجية ومطر الوراق .
واتفاقهم على روايتها عنه يمتنع معه الإدراج لأن الإدراج يحتمل وروده من الواحد ، أما مع الجماعة فلا احتمال البتة !
الوجه الثاني :
أنه تابع أبا الزبير متابع مختلف فيه عن جابر بن عبد الله عند الخطيب البغدادي وابن جميع كما سيأتي إن شاء الله .
الوجه الثالث :
أن الحديث بتمامه صح من حديث أنس بن مالك وأبي هريرة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم كما سياتي إن شاء الله .
الوجه الرابع :
أن الحديث بتمامه صححه الأئمة من أهل العلم بالحديث فقد أخرجه الإملم مسلم في صحيحه ــ وناهيك به ــ وأبو عوانة في صحيحه المسند المخرج على صحيح مسلم . وابن حبان في صحيحه .
وقال البغوي : هذا حديث صحيح أخرجه مسلم . وقال عمر بن بدر الموصلي : ( ولا يصح في هذا الباب شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قوله في حق أبي قحافة ( جنبوه السواد) . انظر (جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب ص 477 .
وقال الألباني : صحيح (صحيح الجامع الصغير للألباني ) .
الوجه الخامس :
أنه احتج به الأئمة على اجتناب تغييره الشيب بالسواد فقد سئل الإمام أحمد : قيل له : تكره الخضاب بالسواد ؟ قال : إي والله ! لقول النبي صلى الله عليه وسلم في والد أبي بكر رضي الله عنهما : ( جنبوه السواد ) . نقله عنه الخلال (في الوقوف والترجل) وابن قدامة (في المغني) وابن مفلح (في الآداب الشرعية ) فهذا إمام أهل لسنة والجماعة ـ وهو الراوي لسؤال زهير لأبي الزبير ، وجواب ابي الزبير بالنفي ــ قد احتج بهذه اللفظة على حكم شرعي جازماً بأنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم مؤيداً ذلك بالقسم عليه ولو كان مدرجا ما احتج به قطعاً .
واحتج به الإمام النووي على تحريم خضاب الشيب بالسواد فقال : ودليل تحريمه حديث جابر . ثم ساقه بتمامه ــ (المجوع شرح المهذب)1/324) ــــ وكذا صححه واحتج به ابن النحاس على تحريم الخضاب بالسواد فقال : ( ومنها خضاب الرجل والمرأة شعرهما بالسواد وهو حرام على الأصح المختار لما في الصحيح أنه أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( غيروا هذا واجتنبوا السواد )) انظر تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين .
وقال الحافظ ابن حجر : (( ثم إن المأذون فيه ــ يعني الصبغ ــ مقيد بغير السواد لما أخرج مسلم من حديث جابر ( غيروه وجنبوه السواد) فتح الباري .
وقال القرطبي (( فأما تغييره بغير السواد فجائز لقوله صلى الله عليه وسلم في أبي قحافة وقد جيء به ولحيته كالثغامة بياضاً : (( غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد )) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي .
فهذه الوجوه الخمسة قد تواطأت وتظاهرت على أن لفظ ( واجتنبوا السواد) حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس بمدرج .
وعليه فيكون نفي أبي الزبير لهذه اللفظة محمول على نسيانه لها . وهذا لا ينكر فقد نسي الحفاظ الكبار لبعض حديثهم كما هو معروف ومحرر في علم الحديث والله أعلم . ( انظر هذه المسألة في : تذكرة المؤتسي فيمن حدث ونسي وتدريب الراوي كلاهما للسيوطي ، والكفاية للخطيب وعلوم الحديث لا بن الصلاح ، والتقييد والإيضاح للعراقي .
No comments:
Post a Comment