إخواني أخواتي متابعي حديـث اليوم السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
تحية زاكية كزهرة معطرة على طبق من اللجين والعسجد
---------------------------
في كل خميس نرسل قصة من ما صح من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكنا قد طلبنا منكم أن تتفضلوا علينا بما يفتح الله عليكم من فوائد قصة جُلَيبيب رضي الله عنه (بالأسفل)
فكان تجاوبكم كالعادة رائعاً مثمرًا سحّاً غدقاً همعاّ طبقاً مجللا
بحق هذه الأمة مباركة لحبها لسنة نبيها فهو القائل (صلى الله عليه وسلم):"مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ" رواه الترمذي 2795 السلسلة الصحيحة 2286
---------------------------
(جُلَيـبـيـبٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه)
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جُلَيْبِيبٍ (1) امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِيهَا، فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَنَعَمْ إِذًا "
قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: لَاهَا اللهُ إِذًا (2)، مَا وَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا جُلَيْبِيبًا وَقَدْ مَنَعْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ ؟
قَالَ: وَالْجَارِيَةُ فِي سِتْرِهَا تَسْتَمِعُ . قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ،
فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ ؟ إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَهُ لَكُمْ، فَأَنْكِحُوهُ.
قَالَ: فَكَأَنَّهَا جَلَّتْ عَنْ أَبَوَيْهَا، وَقَالَا: صَدَقْتِ .
فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ قَدْ رَضِيتَهُ فَقَدْ رَضِينَاهُ . قَالَ: " فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُهُ " .
فَزَوَّجَهَا، ثُمَّ فُزِّعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ(3)، فَرَكِبَ جُلَيْبِيبٌ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ، وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ قَتَلَهُمْ،
قَالَ أَنَسٌ: " فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَمِنْ أَنْفَقِ(4) ثَيِّبٍ (5) فِي الْمَدِينَةِ
ورواه أحمد 11944 وعبدالرزاق 10333 ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد (1245) ، والبزار (2741) ، وابن حبان (4059)
قال الهيثمي : رجال احمد رجال الصحيح
تحقيق المسند : إسناده صحيح على شرط الشيخين
---------------------------
(معاني المفردات)
1. جليبيب : كان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وجهه دمامةٌ _قبح_ قتل شهيداً بعد أن قتل سبعةً وحمله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ساعديه إلى قبره
قال ابن حجر: غير منسوب..أي لا يعرف نسبه
2. لَاهَا اللَّهِ : أَيْ لَيْسَ وَاَللَّهِ وَالْمَعْنَى لَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ
3. فُزِّعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: أي استنفروا للجهاد
4. أَنْفَقِ: أي كثيرة النفقة والخير والأموال
5. الثيّب : من مات زوجها أو طلقت منه
---------------------------
فهذه هي الفوائد شكر الله لكل من أرسل بفائدة
وإنما السيل اجتماع النُقَط:
1- حب النبي صلى الله عليه و سلم لأصحابه و قيامه على شؤونهم ما استطاع.(خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جُلَيْبِيبٍ)
2- أهمية السعي في تزويج الشباب لما لذلك من أثر في طهارة المجتمع. (خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جُلَيْبِيبٍ) اللهم مُنَّ على شبــاب وشابات المسلمين
3- تشجيع الشباب على الزواج وإزالة العقبات أمامهم وتذكيرهم بحديث النبي(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):" ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ" رواه الترمذي 1579 والنسائي 3166 وحسنه الألباني ويؤكد هذه الفائدة زيادة في أحد روايات الحديث كان رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقال له: جليبيب، في وجهه دمامةٌ ، فعرض عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التزويج، فقال: إذا تجدني كاسدًا. فقال: "غير أنك عند الله ليس بكاسدٍ" . وإسناده صحيح.
4- خطأ قول العامة "اسع بجنازة ولا تسع بجوازة" بل وبطلانه خاصة إن كان من ستسعى لزواجهما من أهل الصلاح.
5- جواز الوكالة في الخطبة.( خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جُلَيْبِيبٍ) ... (فَزَوَّجَهَا)
6- فطنة الصحابي جليبيب في توكيله لرسول الله صلى الله عليه و سلم في اختيار زوجة له.
7- جواز الاستعانة بأهل الصلاح للبحث عن المرأة الدّيـــّنة
8- متابعة النبي صلى الله عليه و سلم لأحوال صحابته.( خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جُلَيْبِيبٍ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ)
9- أولى الناس بزواج المرأة أبيها.( امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِيهَا)...(فَزَوَّجَهَا)
10- لا نكاح إلا بولي رواه الخمسة إلا النسائي وصححه أحمد وابن معين والألباني
11- أهمية المشورة خاصة في أمور الزواج لما لها من أثر مصيري خاصة للمرأة .قالت أسماء بنت أبي بكر " إنّ هذا النكاح رق، فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته"
12- مشاورة النساء في أمور النكاح (حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا) وليس ذلك على الوجوب لأنه لو أجاب الصحابي النبي صلى الله عليه و سلم لمضى الأمر دون مشورة الأم
13- تكريم الإســــلام للمرأة فهي الدرة المكنونة والأم الحنــُونة والزوجة المصونة ومستشارةٌ مأمونة (حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا)
14- مراعاة الصحابة لزوجاتهم و مشاورتهن في أمور الأسرة.( حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا)
15- إقرار الرسول صلى الله عليه و سلم لأصحابة مشاورة نسائهن.(فَنَعَمْ إِذًا)
16- فضل الصحابية و حياءُها من أن تحضر عند أبويها أثناء كلامهما في شأن خطبتها.( وَالْجَارِيَةُ فِي سِتْرِهَا تَسْتَمِعُ)
17- فضل الأنصار ونصرتهم لرسول الله صلى الله عليه و سلم و معاونتهم للمهاجرين على بساطة عيشهم و مساكنهم.( وَالْجَارِيَةُ فِي سِتْرِهَا تَسْتَمِعُ)
18- شجاعة الصحابية و نصرتها للحق و ترجيحها للمصالح و المفاسد عندما كشفت لأبويها أنها كانت تسمعهما لما علمت انهما عزما على ردّ من خطبه الرسول لها.
19- فقه الصحابية على حداثة سنها و معرفتها ان طاعة رسول الله صلى الله عليه و سلم فيها كل الخير و الهلاك في رد امره.( أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ ؟)
20- فضل الصحابة و توقيرهم أمرسول الله و طاعتهم لله.( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ) سورة الأحزاب:36
21- الرجوع إلى الحق ولو ظهر الحق على يد من هو أصغر سناً.(فَكَأَنَّهَا جَلَّتْ عَنْ أَبَوَيْهَا، وَقَالَا: صَدَقْتِ)
22- قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إنّ الـمؤمن خلق مُفَتــَّناً تواباً نــَسَّاءً ؛ إِذَا ذُكــّر ذَكـــَـر" رواه الطبراني في الكبير 10518 وصححه الألباني فقد غفل الأب والأم عن الحق ثم لما ذكرتهم الجارية ذكروا وعادوا إلى رشدهم وقالا "صدقت"
23- إذا رأى الولد في أبيه أو أمه مخالفة ما ...فعليه أن يتخولهم بالموعظة الحسنة.
24- قول كلمة الحق وأن يجهر بها بالرفق واللين وذلك مِن فعل الجارية
25- إبداء الفتاة لرأيها إذا خطبت ليس فيه عيباً ولا هو يخدش الحياء بل هو أصلٌ لزواجها كما صحت السُنَّة..
26- كما أن السيئة تجر السيئة فإن الحسنة تهدي إلى الحسنة قال الله تعالى " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا" وقال تعالى " ويزيد الله الذين اهتدوا هدى"
فقد كانت المرأة لمن أنفق ثيب في المدينة، وهي التي قالت "أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟ إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه"
فعلى المرء أن يستكثر من فعل الصالحات عسى الله أن يختم له بخير
27- فضل الصحابي جليبيب و مسارعته للخروج للجهاد في سبيل الله.( فَرَكِبَ جُلَيْبِيبٌ)
28- شجاعة الصحابي جليبيب في القتال لنصرة الاسلام و حبه للجهاد والشهادة. (فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ، وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ قَتَلَهُمْ)
29- الخير كل الخير و الفلاح كل الفلاح في طاعة رسول الله صلى الله عليه و سلم مما عاد على الصحابية من اقتران اسمها بزوجة الشهيد و من مال جاءها بعد موت زوجها.( وَإِنَّهَا لَمِنْ أَنْفَقِ ثَيِّبٍ فِي الْمَدِينَةِ)
30- من الحكم الكونية التى سطرها الله في كتابه.( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) سورة النور:26
31- الدمامة (القُبح) والنسب غير المعروف ليست عيباً في الزوج ما دام تقيا و دييناًقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي 1004 وحسنه الألباني
32- (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) سورة الحجرات..13
33- الإسراع في تزويج البكر من فطرة الاب.(فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ , فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيَّ , فَزَوَّجَهَا)
34- فضل الصحابي انس رضي الله عنه انه لما روى الحديث لم يقف على الخطبة و الزواج فقط بل اراد ان يبين فضل و عاقبة طاعة الرسول في الدنيا و الاخرة.
35- إجابة الدعاء النبوي ففي بعض الروايات قال الحبيب (صلى الله عليه وسلم):"اللهم صب عليها الخير صبا ولا تجعل عيشها كدا كدا" ورواه أحمد 18948
36- عند النظر في النصوص يجب مراعاة "نوع التصرف النبوي ؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يتصرف بصفات عدَّة ؛ إذ هو الرسول ، وهو المفتي ، وهو الإمام ، وهو الحاكم ؛ ولكلِّ صفة منها خصائص استنباطية ؛ وعليه فلا بد من مراعاة معرفة نوع التصرف النبوي الذي يراد الاستنباط منه..." أسس السياسة الشرعية-د.سعد بن مطر العتيبي) و هذا من قول الصحابي :" أستأمر أمها"، فما صدر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوصفه مُبَلِّغاً عن الله تعالى لا يجوز التردد فيه البتة أما ما كان من غير هذا الباب كخطبة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أم سلمة، أو شفاعتة لمغيث في قصة بريرة و مغيث) فهو بحسبه.
37- إكرام النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الفضل والخير حيث حمل الرسول صلى الله عليه وسلم جليبيبا على ساعديه إلى قبره
38- بركة زواج جليبيب رضي الله عنه (الذي أسس على التقوى من أول يوم) حيث قتل هو شهيدا وكانت امرأته لمن أنفق ثيب في المدينة..فيحرص الشاب أن يكون زواجه على التقوى بالاختيار والبعد من المعاصي خاصةً في يوم العرس.
---------------------------
في الختام لا أملك إلا أن أقول جزاكم الله خيرا
ولو تأملنا أكثر لاستخرجنا أكثر
دائماً شعارنا: حُبَّ الرَّسُولُ بِاتــّبَاعِ سُنَّتِه
http://hadeethalyoum.blogspot.com/
وأسأل الله لي ولكم التوفيق شاكرا لكم حُسْن متابعتكم
من أراد أن أرسل حديث اليوم لأصدقائه وأحبابه نيابة عنه فليبعث لي بعناوينهم بشرط أن يعلم رضاهم المسبق
لتلقي حديث اليوم على بريدك الخاص ابعث رسالة فارغة بعنوان "حديث اليوم"
إلى sho3ba@live.com
وإلـى اللـقـاء فـي الـحـديـث الـقـادم "إن شـاء الله"
No comments:
Post a Comment