حَدِيثُ الْيَوْم
رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
اللهمَّ ارْزُقْنا الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ
وَقفَةُ تــأَمُّــل – 188
عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَجَاءَ حُذَيْفَةُ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ قَالَ الْأَسْوَدُ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي اَلدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ }
فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللَّهِ وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ فَرَمَانِي بِالْحَصَا فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ ثُمَّ تَابُوا فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
رواه البخاري 4236
قَوْله : ( كُنَّا فِي حَلْقَة عَبْد اللَّه ) يَعْنِي اِبْن مَسْعُود .
قَوْله : ( فَجَاءَ حُذَيْفَة ) هُوَ اِبْن الْيَمَان .
قَوْله : ( لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاق عَلَى قَوْم خَيْر مِنْكُمْ ) أَيْ اُبْتُلُوا بِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ طَبَقَة الصَّحَابَة فَهُمْ خَيْر مِنْ طَبَقَة التَّابِعِينَ ، لَكِنْ اللَّه اِبْتَلَاهُمْ فَارْتَدُّوا وَنَافَقُوا فَذَهَبَتْ الْخَيْرِيَّة مِنْهُمْ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَابَ فَعَادَتْ لَهُ الْخَيْرِيَّة ، فَكَأَنَّ حُذَيْفَة حَذَّرَ الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ وَأَشَارَ لَهُمْ أَنْ لَا يَغْتَرُّوا فَإِنَّ الْقُلُوب تَتَقَلَّب ، فَحَذَّرَهُمْ مِنْ الْخُرُوج مِنْ الْإِيمَان لِأَنَّ الْأَعْمَال بِالْخَاتِمَةِ ، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِي غَايَة الْوُثُوق بِإِيمَانِهِمْ فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَأْمَنُوا مَكْر اللَّه ، فَإِنَّ الطَّبَقَة الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ وَهُمْ الصَّحَابَة كَانُوا خَيْرًا مِنْهُمْ ، وَمَعَ ذَلِكَ وُجِدَ بَيْنهمْ مَنْ اِرْتَدَّ وَنَافَقَ ، فَالطَّبَقَة الَّتِي هِيَ مِنْ بَعْدهمْ أَمْكَن مِنْ الْوُقُوع فِي مِثْل ذَلِكَ . وَقَوْله " فَتَبَسَّمَ عَبْد اللَّه " كَأَنَّهُ تَبَسَّمَ تَعَجُّبًا مِنْ صِدْق مَقَالَته .
قَوْله : ( فَرَمَانِي ) أَيْ حُذَيْفَة رَمَى الْأَسْوَد يَسْتَدْعِيه إِلَيْهِ .
قَوْله : ( عَجِبْت مِنْ ضَحِكِهِ ) أَيْ مِنْ اِقْتِصَاره عَلَى ذَلِكَ ، وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْت أَيْ فَهِمَ مُرَادِي وَعَرَفَ أَنَّهُ الْحَقّ .
قَوْله : ( ثُمَّ تَابُوا فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) أَيْ رَجَعُوا عَنْ النِّفَاق .
وَيُسْتَفَاد مِنْ حَدِيث حُذَيْفَة أَنَّ الْكُفْر وَالْإِيمَان وَالْإِخْلَاص وَالنِّفَاق كُلٌّ بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى وَتَقْدِيره وَإِرَادَته ، وَيُسْتَفَاد مِنْ قَوْله تَعَالَى ( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاَللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) صِحَّة تَوْبَة الزِّنْدِيق وَقَبُولهَا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور ، فَإِنَّهَا مُسْتَثْنَاة مِنْ الْمُنَافِقِينَ مِنْ قَوْله : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ ) وَقَدْ اِسْتَدَلَّ بِذَلِكَ جَمَاعَة مِنْهُمْ أَبُو بَكْر الرَّازِيُّ فِي أَحْكَام الْقُرْآن ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
فتح الباري للحافظ ابن حجر 12/497.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق شاكرا لكم حُسْن متابعتكم
لتلقي حديث اليوم على بريدك الخاص ابعث رسالة فارغة إلى
hadith-alyoum55+subscribe@googlegroups.com
وإلـى اللـقـاء فـي الـحـديـث الـقـادم "إن شـاء الله"
No comments:
Post a Comment