Monday, December 7, 2015

إِنْ تَصْدُقْ اللَّهَ يَصْدُقْكَ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ..السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

قصة الأسبوع 105

رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا

اللهمَّ ارْزُقْنا الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ

عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ثُمَّ قَالَ :"أُهَاجِرُ مَعَكَ"

فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيًا فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ "مَا هَذَا؟" قَالُوا:" قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"

فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :"مَا هَذَا؟" قَالَ :"قَسَمْتُهُ لَكَ" قَالَ:" مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ"

فَقَالَ :"إِنْ تَصْدُقْ اللَّهَ يَصْدُقْكَ"

فَلَبِثُوا قَلِيلًا ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"أَهُوَ هُوَ؟" قَالُوا :"نَعَمْ"

قَالَ صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ ثُمَّ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ :"اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ"

راوه النسائي 1927 وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1336

)معاني المفردات(

(شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ) :واسم الهاد أسامة بن عمرو وقيل له الهاد لأنه كان يوقد النار ليلا ليهتدي إليه الأضياف.

( مَا عَلَى هَذَا) : أَيْ مَا آمَنْت بِك لِأَجْلِ الدُّنْيَا وَلَكِنْ آمَنْت لِأَجْلِ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ بِالشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

( إِنْ تَصْدُق اللَّهَ ) : أَيْ إِنْ كُنْت صَادِقًا فِيمَا تَقُولُ وَتُعَاهِدُ اللَّهَ عَلَيْهِ يُجْزِك عَلَى صِدْقِك بِإِعْطَاءِ مَا تُرِيدُهُ..

اللهم ارزقنا الصدق معك

( فَصَلَّى عَلَيْهِ ) : فَهَذَا يدل على مشروعية الصلاة على الشهيد كما هو مذهب أبي حنيفة.

)حكم الصلاة على الشهيد(

قال الحافظ ابن حجر في الفتح 4/409 :

قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير : أَرَادَ بَاب حُكْم الصَّلَاة عَلَى الشَّهِيد ، وَلِذَلِكَ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث جَابِر الدَّالّ عَلَى نَفْيهَا ،

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ...صحيح البخاري 1257

وَحَدِيث عُقْبَة الدَّالّ عَلَى إِثْبَاتهَا

عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا...صحيح البخاري 1258

قَالَ : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بَاب مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة عَلَى الشَّهِيد فِي قَبْره لَا قَبْل دَفْنه عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثَيْنِ ، قَالَ : وَالْمُرَاد بِالشَّهِيدِ : قَتِيل الْمَعْرَكَة فِي حَرْب الْكُفَّار اِنْتَهَى . وَكَذَا الْمُرَاد بِقَوْلِهِ بَعْد " مَنْ لَمْ يَرَ غُسْل الشَّهِيد " وَلَا فَرْق فِي ذَلِكَ بَيْن الْمَرْأَة وَالرَّجُل صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا صَالِحًا أَوْ غَيْر صَالِح ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " الْمَعْرَكَة " مَنْ جُرِحَ فِي الْقِتَال وَعَاشَ بَعْد ذَلِكَ حَيَاة مُسْتَقِرَّة ، وَخَرَجَ بِحَرْبِ الْكُفَّار مَنْ مَاتَ بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ كَأَهْلِ الْبَغْي ، وَخَرَجَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَنْ سُمِّيَ شَهِيدًا بِسَبَبٍ غَيْر السَّبَب الْمَذْكُور ، وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ شَهِيد بِمَعْنَى ثَوَاب الْآخِرَة ، وَهَذَا كُلّه عَلَى الصَّحِيح مِنْ مَذَاهِب الْعُلَمَاء . وَالْخِلَاف فِي الصَّلَاة عَلَى قَتِيل مَعْرَكَة الْكُفَّار مَشْهُور ، قَالَ التِّرْمِذِيّ : قَالَ بَعْضهمْ يُصَلَّى عَلَى الشَّهِيد وَهُوَ قَوْل الْكُوفِيِّينَ وَإِسْحَاق ، وَقَالَ بَعْضهمْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْل الْمَدَنِيِّينَ وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد ، وَقَالَ الشَّافِعِيّ فِي " الْأُمّ " جَاءَتْ الْأَخْبَار كَأَنَّهَا عِيَان مِنْ وُجُوه مُتَوَاتِرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أُحُد ، وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِمْ وَكَبَّرَ عَلَى حَمْزَة سَبْعِينَ تَكْبِيرَة لَا يَصِحّ . وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لِمَنْ عَارَضَ بِذَلِكَ هَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة أَنْ يَسْتَحِي عَلَى نَفْسه . قَالَ : وَأَمَّا حَدِيث عُقْبَة بْن عَامِر فَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْس الْحَدِيث أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد ثَمَان سِنِينَ ، يَعْنِي وَالْمُخَالِف يَقُول لَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْر إِذَا طَالَتْ الْمُدَّة . قَالَ وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ حِين عَلِمَ قُرْب أَجَله مُوَدِّعًا لَهُمْ بِذَلِكَ ، وَلَا يَدُلّ ذَلِكَ عَلَى نَسْخ الْحُكْم الثَّابِت اِنْتَهَى . وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ الْمُدَّة وَالتَّوْدِيع قَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ أَيْضًا كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ بَعْد هَذَا . ثُمَّ إِنَّ الْخِلَاف فِي ذَلِكَ فِي مَنْع الصَّلَاة عَلَيْهِمْ عَلَى الْأَصَحّ عِنْد الشَّافِعِيَّة ، وَفِي وَجْه أَنَّ الْخِلَاف فِي الِاسْتِحْبَاب وَهُوَ الْمَنْقُول عَنْ الْحَنَابِلَة ، قَالَ الْمَاوَرْدِيّ عَنْ أَحْمَد : الصَّلَاة عَلَى الشَّهِيد أَجْوَد ، وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ أَجْزَأَ . انتهى

قلت : ومن قال لا يصلى على الشهيد وهم الجمهور... لزمهم أن يؤولوا الصلاة على هذا الأعرابي بأنها خاصة به لكمال صدقه مع ربه وكذلك الصلاة على شهداء أحد بعد ثمان سنين أنها كالوداع لهم...والمسألة من مسائل الخلاف المعتبر التي لا إنكار فيها..إن شاء الله..

وأسأل الله لي ولكم التوفيق ...شاكرا لكم حُسْن متابعتكم

وإلـى اللـقـاء فـي الـحـديـث الـقـادم "إن شـاء الله"

 

 

No comments:

Post a Comment