بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
قصة الأسبوع (رقم 95) /17/01/1436هـ
رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
اللهمَّ ارْزُقْنا الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ
(الصبر على الأذى حال الدعوة)
عَنْ أُسَامَةَ بْن زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى إِكَافٍ(1) عَلَى قَطِيفَةٍ (2) فَدَكِيَّةٍ(3) وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ, يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَالَ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ, وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا غَشِيَتْ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ (4) خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ :"لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا" فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ :"أَيُّهَا الْمَرْءُ إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا, فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ, فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ" فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ :"بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ!! فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا, فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ" فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ فَلَمْ يَزَلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتوا ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟! - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ-" قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ:" يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ, فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ لَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ (5) عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ (6) فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ شَرِقَ بِذَلِكَ(7), فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ" فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا } الْآيَةَ وَقَالَ اللَّهُ { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ(8) فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ(9) كُفَّارِ قُرَيْشٍ قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ :"هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ(10)" فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا.
رواه البخاري 4200 وروى مسلم بعضه 3356
و في حديث أَنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ....فَقَالَ – ابن أبي- :"إِلَيْكَ عَنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ" فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْهُمْ :"وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ" فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ, فَشَتَمَهُ, فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ, فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}
رواه البخاري 2494 ومسلم 3357
) معاني المفردات(
(1) الإكاف: ما يوضع على الدابة
(2) الْقَطِيفَةُ: كِسَاءٌ لَهُ خَمْلٌ
(3) فدكية: نسبة إلى فدك القرية المشهورة ، كأنها صنعت فيها... والحاصل أن الإكاف يلي الحمار والقطيفة فوق الإكاف والراكب فوق القطيفة
(4) عجاجة الدابة: أي غبارها الذي تثيره
(5) البحيرة : بالتصغير ، وهذا اللفظ يطلق على القرية وعلى البلد، والمراد به هنا المدينة النبوية، ونقل ياقوت: أن البحرة من أسماء المدينة النبوية.
(6) يعني يرئسوه عليهم ويسودوه ، وسمى الرئيس معصبا لما يعصب برأسه من الأمور ، أو لأنهم يعصبون رءوسهم بعصابة لا تنبغي لغيرهم يمتازون بها.
(7) شَرِق بذلك: أي غص به ، وهو كناية عن الحسد.
(8) ( حتى أذن الله فيهم ): أي في قتالهم ، أي فترك العفو عنهم ، وليس المراد أنه تركه أصلا بل بالنسبة إلى ترك القتال أولا وقوعه آخرا ، وإلا فعفوه صلى الله عليه وسلم عن كثير من المشركين واليهود بالمن والفداء وصفحه عن المنافقين مشهور في الأحاديث والسير .
(9) الصنديد : وهو الكبير في قومه .
(10) ( هذا أمر قد توجه ) : أي ظهر وجهه .
وأسأل الله لي ولكم التوفيق شاكرا لكم حُسْن متابعتكم
من أراد أن أرسل حديث اليوم لأصدقائه وأحبابه نيابة عنه فليبعث لي بعناوينهم sho3ba@live.com
وإلـى اللـقـاء فـي الـحـديـث الـقـادم "إن شـاء الله"
No comments:
Post a Comment