السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
قصة الأسبوع 102 / 01/08/1436هـ
رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
اللهمَّ ارْزُقْنا الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ
(ومضة من وفاء عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)
عَنْ أَسْلَمَ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى السُّوقِ فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ فَقَالَتْ :"يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا وَاللَّهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا وَلَا لَهُمْ زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمْ الضَّبُعُ وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الْغِفَارِيِّ وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ ثُمَّ قَالَ :"مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ" ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلَأَهُمَا طَعَامًا وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ ثُمَّ قَالَ :"اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمْ اللَّهُ بِخَيْرٍ" فَقَالَ رَجُلٌ :"يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرْتَ لَهَا!" قَالَ عُمَرُ:" ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ"
رواه البخاري 3843
معاني المفردات
( كراعا ):بضم الكاف هو ما دون الكعب من الشاة ، قال الخطابي : معناه أنهم لا يكفون أنفسهم معالجة ما يأكلونه ، ويحتمل أن يكون المراد لا كراع لهم فينضجونه .
( ليس لهم ضرع ) : ليس لهم ما يحلبونه .
( ولا زرع ) : أي ليس لهم نبات .
( وخشيت أن تأكلهم الضبع ) :أي السنة المجدبة ، ومعنى تأكلهم أي تهلكهم . وقال الداودي سميت بذلك لأنه يكثر الموتى فيها حتى لا يقبر أحدهم فتأكله الضبع.
( بنسب قريب ) : يحتمل أن يريد قرب نسب غفار من قريش ، لأن كنانة تجمعهم . أو أراد أنها انتسبت إلى شخص واحد معروف .
( بعير ظهير ) : أي قوي الظهر معد للحاجة .
( غرارتين ) : تثنية غرارة وهي التي تتخذ للتبن وغيره .
( بخطامه ) : أي بخطام البعير وهو الحبل الذي يقاد به سمي بذلك لأنه يقع على الخطم وهو الأنف
( ثكلتك أمك ) : هي كلمة تقولها العرب للإنكار ولا تريد بها حقيقتها . كقولهم تربت يداك ومعناه الحقيقي فقدتك أمك وهو الدعاء بالموت من الثُكل بضم الثاء وسكون الكاف وهو فقد الولد.
( قد حاصرا حصنا ) : لم أعرف الغزوة التي وقع فيها ذلك ، ويحتمل احتمالا قريبا أن تكون خيبر لأنها كانت بعد الحديبية وحوصرت حصونها .
( نستفيء ) : أي نسترجع ، يقول هذا المال أخذته فيئا . وسمي فيئا لأنه مال استرجعه المسلمون من يد الكفار ومنه تتفيأ ظلاله أي ترجع على كل شيء من حوله ومنه فإن فاؤا أي رجعوا.
( سهماننا ) : أي أنصباؤنا من الغنيمة .
مستفاد من فتح الباري لابن حجر ومن عمدة القاري للبدر العيني
ومضات من القصّة
ما أعظم اللمحة التربويّة التي تحملها هذه القصّة ، إنها إشراقةٌ أخلاقيّةٌ ترقى بسلوك المؤمن إلى أعلى مستوى يمكن أن تصل إليه ، وتفجّر بين جنباته معاني الإحساس بالمسؤوليّة ؛ تظهر القصة مسؤولية الراعي تجاه الرعية .
كما أن في القصة الوفاء والشهامة والرفق الذي كان بين الصحابة.
واللفتة الأجمل في ما ذكره الواقدي من حديث أبي رهم الغفاري قال : " لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء أهدى له إيماء بن رحضة الغفاري مائة شاة وبعيرين يحملان لبنا ، وبعث بها مع ابنه خفاف ، فقبل هديته وفرق الغنم في أصحابه ودعا بالبركة...فتح الباري 11/486
هنا يتجلى لكل أب وكل مربي وكل متصدق أنّ ما بذلته في حياتك من خير وما كنت عليه من صلاح سيعود نفعه على أبنائك عاجلا أو آجلا..وصدق الله : "وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ"
وأسأل الله لي ولكم التوفيق
لتلقي حديث اليوم على بريدك الخاص ابعث رسالة فارغة بعنوان "حديث اليوم" إلى sho3ba@live.com
شاكرا لكم حُسْن متابعتكم وإلـى اللـقـاء فـي الـحـديـث الـقـادم "إن شـاء الله"