الجواب على السؤال:
لماذا صُوِّر آزر بصورة الضبع دون غيره من المخلوقات؟؟
نظرا لما يكون في نفس إبراهيم من الإشفاق على أبيه يقطع الله ما في نفس إبراهيم من أبيه ويحول أبيه إلى ضبع قذر ومتسخ متلطخ بالرجيع أو الدم أو النثن أو الطين و الأرجح أنه ملتطخ بالرجيع القيء لأنه جاء في بعض الروايات بزيخ فيتمرغ في نثنه فتنفر النفس منه ولا يكون في ذلك غضابة على إبراهيم من الحكمة إلهية أن يجعل نفس إبراهيم في عافية من أبيه, عافه بعد هذا ومسخه على هذه الصورة من التشويه وأذله وهذه صورة من صور الخزي الذي يلحق الكفار يوم القيامة ومثال من الأمثلة على ذلك فناس يصغر حجمهم أناس يداسون بالأقدام أناس يحولون إلى هذه الهيئة الكريهة من البهائم والدواب ولذلك ييأس إبراهيم عند ذلك لا يكون منه أي التفات إلى أبيه
قال الإمام ابن حجر في فتح الباري(مختصرا):
"قيل: الحكمة في مسخه لتنفر نفس إبراهيم منه، ولئلا يبقى في النَّار على صورته فيكون فيه غضاضة على إبراهيم.
وقيل: الحكمة في مسخه ضبعا أن الضبع من أحمق الحيوان، وآزر كان من أحمق البشر، لأنه بعد أن ظهر له من ولده من الآيات البينات أصر على الكفر حتى مات.
واقتصر في مسخه على هذا الحيوان لأنه وسط في التشويه، بالنسبة إلى مَا دونه كالكلب والخنزير، وإلى مَا فوقه كالأسد مثلا، ولأن إبراهيم بالغ في الخضوع له وخفض الجناح فأبى واستكبر وأصر على الكفر، فعُومِلَ بصفة الذل يوم القيامة، ولأن للضبع عوجا فأُشِير إلى أن آزر لم يستقم فيؤمن بل استمر على عِوَجِه في الدين."
فمن الصفات المشتركة بين الكافر و الضبع (دون باقي الحيوانات)
1- فساد الذات و افساد الغير:
· من صفات الضبع أن يقتل في بعض الأحيان فريسته دون أن يأكل منها
· وهي مولعة ينبش القبور لكثرة شهوتها للحوم بني آدم، ومتى رأت إنساناً نائماً حفرت تحت رأسه وأخذت بحلقه فتقتله وتشرب دمه. وهي فاسقة، لا يمر بها حيوان من نوعها إلا علاها وتضرب العرب بها المثل في الفساد، فإنها إذا وقعت في الغنم عاثت، ولم تكتف بما يكتفي به الذئب، فإذا اجتمع الذئب والضبع في الغنم سلمت لأن كل واحد منهما يمنع صاحبه والعرب تقول في دعائهم: اللهم ضبعاً وذئباً، أي: أجمعهما في الغنم لتسلم ومنه قول الشاعر:
· تفرقت غنمي يوماً فقلت لها *** يا رب سلط عليها الذئب والضبعا
وقيل للأصمعي: هذا دعاء لها أم عليها؟ فقال: دعاء لها.
· قصة مجير أم عامر:
روى العالم الشيخ أبو بكر البيهقي في آخر شعب الإيمان، عن أبي عبيدة أنه سأل يونس ابن حبيب عن المثل المشهور (كمجير أم عامر)، وأم عامر (هي الضبع ويقال لها نوش الخسيسة) فقال: كان من حديثه أن قوماً خرجوا إلى الصيد في يوم حار فبينما هم كذلك إذ عرضت لهم (أم عامر) وهي الضبع فطردوها فاتبعتهم حتى ألجأوها إلى خباء أعرابي فقال: ما شأنكم؟ قالوا: صيدنا. وطريدتنا. قال: كلا والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيدي (لأنها استجارت به). قال: فرجعوا وتركوه، فقام إلى لقحة (ناقة) فحلبها وقرب إليها ذلك، وقرب إليها ماء فأقبلت مرة تلغ من هذا ومرة تلغ من هذا حتى عاشت واستراحت فبينما الأعرابي نائم في جوف بيته، إذ وثبت عليه، فبقرت بطنه، وشربت دمه، وأكلت حشوته, وتركته فجاء ابن عم له فوجده على تلك الصورة فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها فقال: صاحبتي والله: وأخذ سيفه وكنانته واتبعها فلم يزل حتى أدركها فقتلها وأنشأ يقول:
ومن يصنع المعروف في غير أهله **** يـلاقي مـا لا قى مجير أم عامر
أدام لـها حين استجـارت بقربه **** قـراها مـن البان اللقاح الغزائر
وأشبعهــا حتى إذا ما تملأت **** فرته بأنياب لهــا وأظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من **** غداً يصنع المعروف مع غير شاكر
2- الجبن و الخسة:
فمن اسوا صفات الضبع انه يبدا بالتهام فريسته قبل ان يجهز عليها فياكلها وهي على قيد الحياة
من صفات الضباع أنها تأكل بعضها البعض إن لم تجد ما تأكله
3- قسوة القلب:
فمن اسوا صفات الضبع انه يبدا بالتهام فريسته قبل ان يجهز عليها فياكلها وهي على قيد الحياة
و قال الله تعالى في الكفار من بني اسرائيل (قوله تعالى : "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون" .
قوله تعالى : "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك" القسوة : الصلابة والشدة واليبس . وهي عبارة عن خلوها من الإنابة والإذعان لآيات الله تعالى .
روى الترمذي عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي" . وفي مسند البزار عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"أربعة من الشقاء جمود العين وقساء القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا" .
وتلاحظ في الضباع منذ لحظة الولادة، تولد الجراء بعيون مفتوحة وأسنان نامية؛ لذلك تكون مستعدة للقتال فورًا، حتى إنها تقتل إخوتها عند الولادة
4- القذارة:
ويعرف ان الضبع يطلق رائحة منتنة تنتجها تلك الغدد الواقعة بين قاعدة الذنب وفتحة الشرج.
5- تبديل الفطرة:
قطيع الضباع تقوده انثى لا ذكر كما هو الحال في معظم الحيوانات
الضباع تصرخ او تعوي للاسفل اي باتجاه الارض وليس باتجاه الاعلى (السماء) كما تفعل الذئاب والكلاب
تولد الجراء بعيون مفتوحة وأسنان نامية؛ لذلك تكون مستعدة للقتال فورًا، حتى إنها تقتل إخوتها عند الولادة
غالبًا ما يقتل أحد الضباع الآخر بحثًا عن الغذاء
6- الذلة:
الضباع في مشيتها و اسلوب صيدها و سرقة الفرائس من الاسود و اكلهم الجيف,ذليلة ظاهراً و باطناً...كذلك الكفار اذلاء يوم القيامة ظاهراً و باطناً و الدنيا ايضا.
و جزاكم الله خير
والشكر للأخ مصطفى عبدالباسط على جوابه الوافي ولكل الإخوة الذين أجابوا
قصة الأسبوع (رقم 58) 29 /06/1433هـ
رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
اللهمَّ ارْزُقْنا الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ
( ذيــــخٌ مُتــلطــّخ)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ
فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ:" أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي؟" فَيَقُولُ أَبُوهُ:" فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ"
فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ:" يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ؟"
فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :"إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ"
ثُمَّ يُقَالُ:" يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ" فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ"
رواه البخاري 3101
معاني المفردات
(1) قترة : السواد الكائن عن الكآبة
(2) الغبرة : الغبار من التراب
(3) أَبِي الْأَبْعَدِ : وصفه بالأبعد على طريق الفرض إذا لم تقبل شفاعته في أبيه.. وقيل : الأبعد صفة أبيه أي أنه شديد البعد من رحمة الله لأن الفاسق بعيد منها فالكافر أبعد.. وقيل : الأبعد بمعنى البعيد والمراد الهالك
(4) بِذِيخٍ : ذكر الضبع الكثير الشعر
(5) مُلْتَطِخٍ : في رواية " يتمرغ في نتنه "
وفي رواية " فيمسخ الله أباه ضبعا " فيأخذ بأنفه فيقول : يا عبدي أبوك هو ، فيقول : لا وعزتك "
فتح الباري 13/287
حملت إبراهيم الرأفة على أن يشفع فيه فأري له على خلاف منظره ليتبرأ منه
عمدة القاري 23/205
أخواني متابعي حديث اليوم
لدي سؤال تأمل للأذكياء منكم وأنتم كذلك – إن شاء الله –
لماذا صوّر آزر بصورة الضبع دون غيره من المخلوقات؟؟
أرجوا أن ترسلوا إجاباتكم إلى Sho3ba@live.com
وأسأل الله لي ولكم التوفيق شاكرا لكم حُسْن متابعتكم وإلى اللقاء في الحديث القادم "إن شـاء الله"
No comments:
Post a Comment